هذي الخاطره للكاتبه اللبنانيه( نادين سلامة ) ..
......أمي.....
هي أمي ..
هي همسة ناعمة خبّأتها في يدي
حتى لا أنسى أبدا أنني أنثى
هي شعور بالرغبة من التحرر من قيود تكسّرت في عنقي
هي قيثارة أعزف عليها مقطوعات سماوية ترافق دربي
و استراحاتي في الحياة
هي هذا الانحياز إليها
إلى الأمومة و الطفولة و الأنوثة
هي تاريخ في العطاء
تعطي و لا تسأل
و تسأل لتعطي من جديد
هي صلاة دائمة تطقطق شفاهها ليلا نهارا
فتتنصت إليها الملائكة
و تنحني لتباركها
معها لست متأكدة من شروق الشمس و غروبها
و من طلوع القمر و اختفاءه
لكنني متأكدة من أن لأمي جناحين تحملانني عليهما
كلما دقت ساعة الخطر أمامي
و كلما طلبت الشفاء من قلب يهوى
و لا يغفر زلاّتي الصغيرة
هذه هي أمي،أم الأوقات الصعبة
و أم الأوقات الحلوة
هي ليست ككل الأمهات
فهي حالة استثنائية في الأمومة
فهي تتلهف قليلا لملاقاتي
و تتلهف كثيرا لرؤية نجمة تضيء السماء
حيث مسكن الله
فهي تغار من نجمة أو من غيمة أو من قلوب قدّيسة
أكدت قبلها أن الله محبة
هي هكذا مختلفة لكنها عميقة و متنوعة
تحب أن تبكي إذا فرح قلبها
و تحب أن تبتسم إذا تألمت و اختفت في السماء
في لحظة تجلٍّ
لا أخاف منها إذا غضبت
لأنها لا تغضب إلا عندما تنسى أن تكمل صلاتها
لا أخاف عليها إذا بكت
فإذا بكت روت كل المسكونة
فأثمرت الأشجار و استراح الندى على الورود
و أكّد الربيع أن عيني أمي و شعرها الأشقر
ينافسانه على الجمال
لا أحد يغار من أمي
لا همزة و لا ضمّة و لا قافية
لكنني أنا من يغار على طلتها البهية
التي تؤكد أن جمال المرأة خالد
كما أن الله خالد
لا أريد أن اكون في حياتي غير أمي
فأمي رمز للتضحية التي لا تفتعل الأشواق فقط
بل تفتعل المعجزات أيضا
لا أرغب إلا في تغنيجها و تقبيلها و إثارة دهشها
حتى تبقى أمي دائما هي الأكثر دلالاً
من بين كل الأمهات و الكائنات الأنثوية
أمي تعرف قليلا تحضير الأطعمة
لكنني أعرف جيدا
أنني كلما كنت على مائدة أمي
كنت أتحضر إلى وليمة سماوية
استضافت فيها ملائكة السماء
أمي لا تعرف أنها مميزة
لكنني أكتب لها هذه الكلمات
لأؤكد لها مدى تميزها في عالم النساء
و عالم الملكات
و عالم الأمهات
أعرف أنني أتكلم عنها
و أعرف أنكم لا تعرفونها
لكنني أخاف إن عرفتموها أن تتخلوا عن أمهاتكم
و تختاروا أمي لتكون أمًّا جديدة لكم
لذلك
سأتوقف عن الكتابة
و أغمض عيني لأخبىء فيهما أمي
و أنا أستسلم عندها للنوم مطمئنة البال
بأن أمي في مأمن من نظراتكم و أياديكم
و همساتكم و وشوشاتكم و قلوبكم
على أمل أن توقظني أمي في الغد
على صورة وجهها الملائكي
فالملاك الحقيقي على الأرض
هو أمي ..
إهــــداء إلــــى ... أمــــــــــي ...
.. ( أم النـــــدى ) ..
.. أتمنى تكون عجبتكم ..